الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
.تفسير الآيات (7- 10): .شرح الكلمات: {ورضوا بالحياة الدنيا}: أي بدلاً عن الآخرة فلم يفكروا في الدار الآخرة. {واطمأنوا بها}: أي سكنوا إليها وركنوافلم يروا غيرها حياة يُعمل لها. {غافلون}: لا ينظرون إليها ولا يفكرون فيها. {مأواهم النار}: أي النار هي المأوى الذي يأوون إليه وليس لهم سواها. {يهديهم ربهم بإيمانهم}: أي بأن يجعل لهم بإيمانهم نوراً يهتدون به إلى الجنة. {دعواهم فيها سبحانك اللهم}: أي يطلبون ما شاءوا بكلمة سبحانك اللهم. {وآخر دعواهم أن الحمد لله}: أي آخر دعائهم: الحمد لله رب العالمين. .معنى الآيات: .من هداية الآيات: 2- التحذير من الغفلة بعدم التفكر بالآيات الكونية والقرآنية إذ هذا التفكير هو سبيل الهداية والنجاة من الغواية. 3- الإِيمان والعمل الصالح مفتاح الجنة والطريق الهادي إليها. 4- نعيم الجنة روحاني وجسماني وهو حاصل ثلاث كلمات هي: سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام. وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين. .تفسير الآيات (11- 14): .شرح الكلمات: {لقضي إليهم أجلهم}: لهلكوا وماتوا. {فنذر}: أي نترك. {في طغيانهم يعمهون}: أي في ظلمهم وكفرهم يترددون لا يخرجون منه كالعميان. {الضر}: المرض وكل ما يضر في جسمه، أو ماله أو ولده. {مر كأن لم يدعنا}: مضى في كفره وباطله كأن لم يكن ذاك الذي دعا بكشف ضره. {كذلك زين}: مثل ذلك النسيان بسرعة لما كان يدعو لكشفه، زين للمسرفين إسرافهم في الظلم والشر. {القرون}: أي أهل القرون. {بالبينات}: بالحجج والآيات على صدقهم في دعوتهم. {خلائف}: أي لهم، تخلفونهم بعد هلاكهم. .معنى الآيات: هذا ما دلت عليه الآية الأولى (11) أما الآية الثانية (12) فقد تضمنت بيان حقيقة وهي أن الإِنسان الذي يعيش في ظلمة الكفر ولم يستنر بنور الإِيمان إذا مسه الضر وهو المرض والفقر وكل ما يضر دعا ربه على الفور لجنبه أو قاعداً أو قائماً يا رباه يا رباه فإذا استجاب الله له وكشف ما به من ضر مرَّ كأن لم يكن مرض ولا دعا واستجيب له واستمر في كفره وظلمه وغيِّه. وقوله تعالى: {كذلك زُين للمسرفين ما كانوا يعملون} أي كما أن الإِنسان الكافر سرعان ما ينسى ربه الذي دعاه ففرج ما به كذلك حال المسرفين في الظلم والشر فإنهم يرون ما هم عليه هو العدل والخير ولذا يستمرون في ظلمهم وشرهم وفسادهم. هذا ما دل عليه قوله تعالى: {كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون}. وقوله تعالى في الآية الثالثة {ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا} هذا خطاب لأهل مكة يخبرهم تعالى مهدداً إياهم بإمضاء سنته فيهم بأنه أهلك أهل القرون من قبلهم لَمَّا ظلموا أي أشركوا وجاءتهم رسلهم بالبينات أي بالآيات والحجج، وأبوْا أن يؤمنوا لِما ألفوا من الشرك والمعاصي فأهلكهم كعاد وثمود وأصحاب مدين وقوله تعالى: {كذلك نجزي القوم المجرمين} أي مثل ذلك الجزاء بالإِهلاك العام نجزي القوم المجرمين في كل زمان ومكان إن لم يؤمنوا ويستقيموا. وقوله تعالى: {ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} أي يقول لمشركي العرب من أهل مكة وغيرها، ثم جعلناكم خلائف في الأرض بعد إهلاك من قبلكم لننظر كيف تعملون فإن كان عملكم خيراً جزيناكم به وإن كان سوءاً جزيناكم به وتلك سنتنا في عبادنا وما الله بغافل عما يعمل الظالمون. .من هداية الآيات: 2- يعصي الله العصاةُ ويكفر به الكافرون ويتركهم في باطلهم وشرهم فلا يعجل لهم العذاب لعلهم يرجعون. 3- بيان أن الإِنسان الكافر يعرف الله عند الشدة ويدعوه ويضرع إليه فإذا نجاه عاد إلى الكفر به كأن لم يكن يعرفه. 4- استمرار المشركين على إسرافهم في الكفر والشر والفساد مُزين لهم حسب سنة الله تعالى فمثلهم مثل الكافر يدعو عند الشدة وينسى عند الفرج. 5- وعيد الله لأهل الإِجرام بالعذاب العاجل أو الآجل إن لم يتوبوا. 6- كل الناس أفراداً وأمماً مُمهَلُون مُراقَبُون في أعمالهم وسلوكهم ومَجزيون بأعمالهم خيرها وشرها لا محالة. .تفسير الآيات (15- 18): .شرح الكلمات: {من تلقاء نفسي}: أي من جهة نفسي. {ولا أدراكم به}: أي لا أعلمكم به. {عمراً من قبله}: أي أربعين سنة قبل أن يوحى إليّ. {المجرمون}: المفسدون لأنفسهم بالشرك والمعاصي. {ما لا يضرهم}: أي إن لم يعبدوه. {وما لا ينفعهم}: أي إن عبده. {أتنبئون}: أتعلِّمون وتخبرون الله. {سبحانه}: أي تنزيها له. {عما يشركون}: أي به معه من الأصنام. .معنى الآيات: هذا ما دلت عليه الآيتان الأولى والثانية (15- 16) أما الآية الثالثة فقد تضمنت التنديد بالمجرمين الذين يكْذِبون على الله تعالى بنسبة الشريك إليه ويكذِّبون بآياته ويجحدونها فقال تعالى: {فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً} أي لا أحد أظلم منه {أو كذب بآياته} بعدما جاءته أي لا أحد أظلم من الأثنين، وقوله تعالى: {إنه لا يفلح المجرمون} دل أولاً على أن المذكورين مجرمون وأنهم لا يفلحون شأنهم شأن كل المجرمين. وإذا لم يفلحوا فقد خاقوا وخسروا. وقول تعالى في الآية الرابعة {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم} أي من الأصنام {ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله} وهم في ذلك كاذبون مفترون فلذا أمر الله أن يرد عليهم بقوله: {قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض} إذ لو كان هناك من يشفع عنده علِمَهُم وأخبر عنهم فلم الكذب على الله والافتراء عليه ثم نزه الله تعالى نفسه عن الشرك به والشركاء له فقال: {سبحانه وتعالى عما يشركون}. .من هداية الآيات: 2- بيان ما كان عليه المشركون من تعنت وجحود ومكابرة. 3- كون النبي صلى الله عليه وسلم عاش أربعين سنة لم يعرف فيها علماً ولا معرفة ثم برز في شيء من العلوم والمعارف فتفوق وفاق كل أحد دليل على أنه نبي يوحى إليه قطعاً. 4- لا أحد أظلم من أحد رجلين رجل يكْذب على الله تعالى وآخر يكذِّب الله تعالى. 5- إبطال دعوى المشركين أن آلهتهم تشفع لهم عند الله يوم القيامة. 6- بيان سبب عبادة المشركين لآلهتهم وهو رجاؤهم شفاعتها لهم. .تفسير الآيات (19- 20): .شرح الكلمات: {فاختلفوا}: أي تفرقوا بأن بُقى بعض على التوحيد وبعض على الشرك. {كلمة سبقت}: بإبقائهم إلى آجالهم ومجازاتهم يوم القيامة. {آية}: خارقة كناقة صالح عليه السلام. {إنما الغيب لله}: أي إن علم الآية متى تأتي من الغيب والغيب لله وحده فلا أنا ولا أنتم تعلمون إذاً فانتظروا إنا معكم من المنتظرين. .معنى الآيتين: هذا ما دلت عليه الآية الأولى (19) أما الآية الثانية (20) فيخبر تعالى من المشركين أنهم قالوا {لولا أنزل عليه آية من ربه} أي هلاَّ أُنزل على محمد آية خارقة من ربه لنعلم ونستدل بها على أنه رسول الله وقد يريدون بالآية عذاباً فلذا أمر الله رسوله أن يرد عليهم بقوله: {إنما الغيب لله} فهو وحده يعلم متى يأتيكم العذاب وعليه {فانتظروا إني معكم من المنتظرين} ولم تطل مدة الانتظار ونزل بهم العذاب ببدر فهلك رؤساؤهم وأكابر المستهزئين. .من هداية الآيات: 2- الشر والشرك هما اللذان يحدثان الخلاف في الأمة والتفرق فيها أما التوحيد والخير فلا يترتب عليهما خلاف ولا حرب ولا فرقة. 3- بيان علة بقاء أهل الظلم والشرك يظلمون ويفسدون إلى آجالهم. 4- الغيب كله لله فلا أحد يعلم الغيب إلا الله ومن علَّمه الله شيئاً منه وهذا خاص بالرسل لإِقامة الحجة على أممهم. .تفسير الآيات (21- 23): .شرح الكلمات: {ضراء}: حالة من الضر بالمرض والجدب والفقر. {مكر في آياتنا}: أي استهزاء بها وتكذيب. {إن رسلنا}: أي الحفظة من الملائكة. {يسيركم}: أي يجعلكم تسيرون بما حولكم من مراكب وما يسر لكم من أسباب. {بريح طيبة}: أي مناسبة لسير السفن موافقة لغرضهم. {ريح عاصف}: أي شديدة تعصف بالشجر فتقتلعه والبناء فتهدمه. {وأحيط بهم}: أي أحدق بهم الهلاك من كل جهة. {يبغون بغير الحق}: أي يظلمون مجانبين للحق والاعتدال. .معنى الآيات: هذا ما تضمنته الآية الأولى (21) أما الآية الثانية (22) فهي تُري المشركين ضعفهم وعجزهم وحاجتهم إلى الله تعالى، ومن كان كذلك فكيف يستهزئ بربه ويسخر من آياته ويكذب رسوله إن أمرهم لعجب فيقول تعالى هو أي الله الذي تمكرون بآياته الذي يسيركم في البر بِما خلق لكم من الظهر الإِبل والخيل والحمير، وفي البحر بما سخر لكم من الفلك تجري في البحر بأمره. حتى إذا كنتم في البحر وجرين أي السفن بهم أي بالمشركين بريح طيبة مناسبة لسير السفن وفرحوا بها على عادة ركاب البحر يفرحون بالريح المناسبة لسلامتهم من المَيَدَان والقلق والاضطراب. جاءتها أي السفن ريح عاصفة أي شديدة الهبوب تضطرب لها السفن ويخاف ركابها الغرق، وجاءهم أي الكفار الراكبين عليها الموج من كل مكان من جهات البحر والموج هو ارتفاع ماء البحر وتموجه كزوابع الغُبور في البر. وظنوا أي أيقنوا أو كادوا أنهم أحيط بهم أي هلكوا {دعوا الله مخلصين. له الدين} أي الدعاء يا رب يا رب نجنا ويَعِدُونَه قائلين {لئن انجيتنا من هذه} أي الهلكة {لنكونن من الشاكرين} لك أي المطيعين المعترفين بنعمتك علينا الموحدين لك بترك الآلهة لعبادتك وحدك لا شريك لك. فلما أنجاهم من تلك الشدة يفاجئونك ببغيهم في الأرض بغير الحق شركاً وكفراً وظلماً وفساداً فعادوا لما كانوا وإنهم لكاذبون وقوله تعالى: {يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا} يخبرهم تعالى بقوله يا أيها الناس الباغون في الأرض بغير الحق في أي زمان كنتم وفي أي مكان وجدتم إنما بغيكم أي عوائده عائدة على أنفسكم إذ هي التي تتأثم وتخبث في الدنيا وتفسد وتصبح أهلاً لعذاب الله يوم القيامة وقوله: {متاع الحياة الدنيا} أي ذلك متاع الحياة الدنيا شقاء كان أو سعادة {ثم إلينا مرجعكم} أي لا إلى غيرنا وذلك بعد الموت يوم القيامة {فنبئكم بما كنتم تعملون} من خير وشر ونجزيكم به الجزاء العادل في دار الجزاء. .من هداية الآيات: 2- بيان ضعف الإِنسان وفقره إلى الله وحاجته إليه عز وجل في حفظ حياته وبقائه إلى أجله. 3- إخلاص العبد الدعاء في حال الشدة آية أن التوحيد أصل والشرك طارئ. 4- المشركون الأولون أحسن حالاً من جلهة هذه الأمة إذ يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة أما جهال المسلمين اليوم فشركهم دائم في الرخاء والشدة على السواء. 5- بَغْيُ الإِنسان عائد على نفسه كمكره ونكثه وفي الحديث: «ثلاث على أصحابها رواجع: البغي والمكر والنكث». 6- تقرير مبدأ البعث والجزاء يوم القيامة. .تفسير الآيات (24- 25): .شرح الكلمات: {ماء}: أي مطر. {فاختلط به}: أي بسببه نبات الأرض أي اشتبك بعضه بعض. {مما يأكل الناس}: كالبر وسائر الحبوب والفواكه والخضر. {والأنعام}: أي من الكلأ والعشب عادة وإلا قد يعلف الحيوان الشعير. {زخرفها}: أي نضرتها وبهجتها. {وازينت}: أي تجملت بالزهور. {وظن أهلها أنهم قادرون عليها}: أي متمكنون من تحصيل حاصلاتها الزراعية. {أتاها أمرنا}: أي قضاؤنا بإهلاكها وتدميرها عقوبة لأصحابها. {حصيداً}: أي كأنها محصودة بالمنجل ليس فيها شيء قائم. {كأن لم تغن بالأمس}: أي كأن لم تكن موجودة غانية بالأمس. {نفصل الآيات}: أي نبينها. {والله يدعو إلى دار السلام}: دار السلام: الجنة والله يدعو إليها عباده ليأخذوا بالأهبة لدخولها وهي الإِيمان والعمل الصالح وترك الشرك والمعاصي. .معنى الآيتين: وقوله تعالى في الآية الثانية (25): {والله يدعو إلى دار السلام} أي بترك الشرك والمعاصي والإِقبال على الطاعات والصالحات ودار السلام الجنة إذ هي الخالية من الكدر والتنغيص فلا مرض ولا هرم، ولا موت ولا حزن. ودعاة الضلالة يدعون إلى الدنيا والتي صورتها ومآلها، أنها دار الكدر والتنغيص. والهم والحزن فأي الدعوتين تجاب؟ {ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} فلتطلب هدايته بصدق فإنه لا يهدي إلا هو والصراط المستقيم هو الإِسلام طريق الجنة وسُلَّم الوصول إليها رزقنا الله تعالى السير فيه والثبات عليه. .من هداية الآيتين: 2- التحذير من الاغترار بالدنيا والركون إليها. 3- التحذير من الذنوب فإنها سبب الشقاء وسلب النعم. 4- فضيلة التفكر وأهله. 5- فضل الله على عباده ورحمته بهم إذ يدعوهم إلى داره لإِكرامهم والإِنعام عليهم.
|